للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما مرض لم تفته ولا ركعة قائما، بل كان يصلّي عن قيام إلى أن توفي رحمه الله في صبيحة يوم الأحد، السادس عشر من شهر ربيع الآخر، سنة خمس وستين وأربعمائة، ودفن في المدرسة إلى جانب أستاذه أبي عليّ الدّقاق.

قال أبو تراب المراغيّ: رأيته في النوم، فقال: أنا في أطيب عيش وأكمل راحة.

وقال غيره: كانت له فرس يركبها، فلما مات امتنعت عن العلف، ولم تطعم شيئا، ولم تمكّن راكبا من ركوبها، ومكثت أياما قلائل على هذا بعده، إلى أن ماتت.

ومن شعره:

يا من تقاصر شكري عن أياديه ... وكلّ كل لسان عن معاليه (١)

وجوده لم يزل فردا بلا شبه ... علا عن الوقت ماضيه وآتيه

لا دهر يخلقه لا قهر يلحقه ... لا كشف يظهره لا ستر يخفيه

لا عدّ يجمعه لا ضدّ يمنعه ... لا حد يقطعه لا قطر يحويه

لا كون يحصره لا عون ينصره ... وليس في الوهم معلوم يضاهيه

جلاله أزليّ لا زوال له ... وملكه دائم لا شيء يفنيه

وقال:

وإذا سقيت من المحبّة مصّة ... ألقيت من فرط الخمار خماري

كم تبت قصدا ثم لاح عذاره ... فخلعت من ذاك العذار عذاري

وقال:

أيها الباحث عن دين الهدى ... طالبا حجّة ما يعتقده

إن ما تطلبه مجتهدا ... غير دين الشافعي لا تجده


(١) طبقات الشافعية للسبكي.