وغيرهم ولازم الشمس الأيكيّ، وتقدّم في معرفة علم التفسير والفقه والأصول والتصوّف وكان محكما للعربية، قويّ الكتابة. له يد طولى في الأدب، أقام ثلاثين سنة يصلّي الصبح جماعة، ثم يقرأ إلى الظهر، ثم يصليها، ويأكل شيئا في بيته، ثم يذهب إلى عيادة مريض أو تهنئة أو نحو ذلك، ثم يرجع وقت حضور الخانقاه الصلاحية ويشتغل بالذكر إلى آخر النهار.
وولي تدريس الشريفية. وتخرّج به جماعة في أنواع من العلوم.
قال الإسنويّ: وكان أجمع من رأيناه للعلوم خصوصا العقلية واللغوية، لا يشار فيها إلا إليه، وكان قليل المثل من عقلاء الرّجال، صالحا كثير الإنصاف، طاهر اللسان، مهيبا وقورا. وكان الناصر يعظمه ويثني عليه.
ولي قضاء الشام فباشره بعفّة وصلف، ولم يغير عمامته الصوفية، خرّج له الذهبي جزءا حدّث به، وسمعه منه أبو إسحاق التنوخيّ، ولما استقر في القضاء أخرج من وسطه كيسا فيه ألف دينار بحضرة الفخر المصري وابن جملة، وقال: هذه حضرت معي من القاهرة، ثم طلب الإقالة من القضاء فلم يجب.
صنّف «شرح الحاوي»، و «مختصر منهاج الحليميّ»، و «شرح التعرف في التصوّف»، و «اختصر المعالم في الأصول»، وفيه يقول ابن الوردي:
إن رمت تذكر في زمانك عالما ... متواضعا فابدأ بذكر القونوي (١)
ولي القضاء وصار شيخ شيوخهم ... والقلب منه على التصوف منطوي
زادوه تعظيما فزاد تواضعا ... الله أكبر هكذا البشر السّوي