للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن القاضي أبي الحسن محمد بن هبة الله بن الحسن بن عرس بضم المهملة، وأبي صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني، وأبي البركات محمد ابن حمزة بن أحمد العرقي.

وحدّث فسمع منه جماعة بمصر وبغداد، وكتب الكثير.

ولي النظر في الدولة أيام بني عبيد، ثم تنقلت به الخدم الديوانية بتنيس والإسكندرية وغير ذلك في الأيام الصلاحية.

وكان من رؤساء المصريين وأكابرهم وفضلائهم، وعنده أدب وترسل وخط حسن، وكان القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني يغشى بابه ويمتدحه، ويفتخر بالوصول إليه، والمثول بين يديه، فلما زالت دولة بني عبيد على يد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب؛ ولي الإسكندرية وتنيس وغير ذلك، إلى أن قال القاضي الفاضل لصلاح الدين: هذا رجل كبير يصلح أن يجري عليه ما يكفيه، ويقعد في منزله، ففعل ذلك.

ثم إنه توجه إلى اليمن، ووزر لسيف الإسلام طغتكين بن أيوب، وأرسله إلى الديوان العزيز برسالة، فدخل بغداد في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وعظم وبجل، وكان يروي «صحاح» الجوهري في اللغة عن أبي البركات الرقي، عن ابن القطاع، فسمع عليه أولاد أمير المؤمنين وخلق كثير، وشهر الكتاب ببغداد، ولم يكن شهيرا، وكتب به عدة نسخ، وشاع بالموصل.

وحدث أيضا «السيرة» لابن هشام، ثم إنه عاد إلى القاهرة، وصار في ضنك من العيش وعليه دين كبير، وعجز عن نفقته، وآل به الحال إلى أن حبس بالجامع الأزهر على الدين، وكان ينتقص القاضي الفاضل ويراه بالعين الأولى، ويحدث الناس بأنه كان من أقل أتباعه، والفاضل يقصر عنه، فيقصر الناس في حقه مراعاة للقاضي الفاضل، وكان بعض أصحاب