للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد أن صعد المنبر، فنظر فيها، وروى حديث: (من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) بنيف وتسعين طريقا، ثم قال: إن لم يكن في هذا البلد أحد يعرف الحديث، فنعوذ بالله من المقام في بلد ما فيها من يعرف الحديث، وإن كان فليكتب عشرة أحاديث بأسانيدها، ويترك اسما أو اسمين من كل إسناد، ويخلط الأسانيد بعضها ببعض، فإن لم أميز بينها، وأضع كل اسم منها مكانه، فهو كما يدّعيه.

وفعلوا ذلك امتحانا، فرد كل اسم إلى موضعه، وطلب القراء الذين يقرءون في مجلسه، في ذلك اليوم شيئا، فأعطاهم الحاضرون ألف دينار.

وللإمام أبي بكر شعر كثير، ويحكى أنه غسل قبل موته جميع المسودات التي فيها شعره، فلم يوجد له إلا ما كان على ظهور الدفاتر والأجزاء.

ويحكى أن شخصا كتب إليه رقعة، وفيها أبيات شعر، وأراد جوابها، فقال: أما الأبيات فقد أسلم شيطان شعري، فلا جواب لها.

ومن مليح شعره:

أقلي النهار إذا أضاء صباحه ... وأظل أنتظر الظلام الدامسا (١)

فالصبح يشمت في فيقبل ضاحك ... والليل يرثي لي فيدبر عابسا

ومنه:

وظبي فوق طرف ظل يرمي ... بسهم اللحظ قلب الصب طرفه

يؤثر طرفه في القلب ما لا ... يؤثر في الحصى والتّرب طرفه

ومنه، ما أورده ولده أبو سعد، في كتاب «التحبير» في ترجمة أبي حامد


(١) طبقات الشافعية للسبكي ٧/ ٨.