للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد نقل الحافظ ابن رجب رَحِمَهُ اللَّهُ في كتابه فضل علم السلف عَلَى علم الخلف عن الشَّافِعِيّ أنه قَالَ: "ما فسد النَّاس إلا لما تركوا لسان العرب، واتبعوا لسان أرسطو "، فالمقصود أن الأمة الإسلامية إنما فسدت وانحرفت لما تركت المنهج الفطري، والمنطق العربي هو المنطق الفطري واللغة العربية هي لغة فطرية، ومنهجنا في الاستدلال فطري، ولغتنا فطرية، لا تكلف فيها ولا تعقيد، امتن الله تَعَالَى بها علينا فلماذا نعقد الأمور؟!.

وهذه العبارة العجيبة من الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ تدل عَلَى أن الإمام الشَّافِعِيّ قد خبر علم المنطق الذي جَاءَ به أرسطو، فعلماء السلف ليسوا يجهلون المنطق لا الشَّافِعِيّ ولا أَحْمَد ولا أبو يوسف، فقد كانوا يعرفونه، ولكنهم لما عرفوا حقيقة الموقف استغنوا عنه وهم مقتنعون تمام الاقتناع أنه لا حاجة لأي عاقل إليه، "فلا يستفيد منه البليد ولا يحتاج إليه الذكي"، فمن هذا المنطلق قال الشَّافِعِيّ وقال علماء السلف هذه المقول وليس كما يشترط المُصْنِّف هنا عندما يقول السلف: لم يحبوا التكلم بالجوهر والجسم والعرض لأنه السلاح البديل. أو لأنهم كانوا عاجزين عن فهمه، أو كانوا منشغلين بالجهاد والفتوحات، ولم يحرروا مسائل العقيدة ومسائل العلم والعبادة، هذه النظريات التي أكدها علماء اليونان وصلت إِلَى علماء الْمُسْلِمِينَ وترجموها

واشتهر ذلك في عصر المأمون، وبناءً عليها ابتلي الإمام أَحْمَد في القول بخلق القرآن، وفي غيرها من الضلالات، كإذاعة أن الإيمان هو المعرفة القلبية المجردة، فجائتنا هذه الضلالات نتيجة نقل هذا العلم. ثُمَّ قال الإمام الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ في المنسوب إليه:

كل العلوم سوى القُرْآن مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين

العلم ما كَانَ فيه قال حدثنا وما سوى ذاك وسواس الشياطين

<<  <   >  >>