للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ قول أبي يوسف الإمام المشهور المعروف -وهو تلميذ أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ- لبشر المريسي الذي كَانَ أبوه يهودياً، ودخل في دين الإسلام ليفسده عَلَى أهله، كما قالت أمه كما نقله الإمام الدارمي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في رده عَلَى ـبشر المريسي، وقد اشتهر بشر بالضلالة وكان تلميذاً لأبي يوسف، فَقَالَ له أبو يوسف هذه العبارة: العلم بالكلام هو الجهل، والجهل بالكلام هو العلم.

فهذا أبو يوسف الذي كَانَ في وقته متهماً من قبل العلماء -في الفروع فقط- لأنه من أهل الرأي، وينصر مذهب أهل الرأي، وهذا كلامه في المبتدعة في أصول الدين، فما بالك بكلام الذين يتمسكون بمنهج أهل السنة والحديث في الأصول والفروع! وكما قيل: من طلب علم الكلام تزندق. وقد ذكر المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الأقوال عن علماء الكلام أنفسهم في ذم علم الكلام وأهله، وأنه لم يحصد منه إلا الحيرة والشك والندامة باعتراف أصحابه أنفسهم فضلاً عن غيرهم.

وممن نقل عنهم ذلك الرازي والجويني وأبو حامد الغزالي، وغيرهم، وقوله: "من طلب العلم بالكلام تزندق، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس" لأنه يضيّع ما معه من مال في شراء هذه المعادن وفي شراء الآلات، وفي النقل، وفي الغليان بدون فائدة.

وقَالَ: "ومن طلب غريب الحديث كذب" أي أن الذي يتتبع الشواذ والروايات، فإنه يكذب كما حصل في العصور المتأخرة، حيث كَانَ الرجل يريد أن يثبت أن لديه سنداً عالياً إِلَى حافظ مثلاً، فيكذب ويجعل بينه وبين ذاك رجلاً واحداً أو رجلين.

موقف الإمام الشافعي من علم الكلام

<<  <   >  >>