[وقال تعالى: أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض [إبراهيم:١٠] وقال صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كل مولود يولد عَلَى الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) ولا يقَالَ: إن معناه يولد ساذجاً لا يعرف توحيداً ولا شركاً -كما قاله بعضهم- لما تلونا، ولقوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يروي عن ربه عَزَّ وَجَلَّ:(خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين) الحديث.
وفي الحديث المتقدم ما يدل عَلَى ذلك، حيث قَالَ:(يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) ولم يقل: ويسلمانه. وفي رواية:(يولد عَلَى الملة) وفي أخرى: (عَلَى هذه الملة) ] اهـ.
الشرح:
هذا موضوع الفطرة
قال رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(كل مولود يولد عَلَى الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) وفي رواية: (كل مولود يولد عَلَى الملة) وفي رواية أجلى وأصرح: (كل مولود يولد عَلَى هذه الملة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) وكما في رواية الصحيح قَالَ: (كما تنتج البهيمة البهيمة جمعاء هل ترون فيها من جدعاء؟) معنى هذا الحديث أو دلالة هذا الحديث: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد أودع في فطر النَّاس الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فكل مولود من بني آدم يولد، فهو مقر بالله ومتجهٌ بفطرته إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ومفطور عَلَى الإقرار والإيمان به -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بحيث لا يحتاج إِلَى أن يلقن ذلك ولا أن يعلّم، بل هو مولود عَلَى نفس هذه الملة -ملة الإسلام- التي لا يقبل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من أحد غيرها.
وضرب مثالاً لذلك بالبهيمة (كما تنتج البهيمة البهيمة) أي: تلد البهيمة بهيمةً جمعاء كاملة ليس فيها أثر من آثار إحداث الآدمي، كقطع الآذان أو العلامات التي توضع سمة عَلَى الإبل والبقر والغنم لتعرف، وإنما الذي يجدعها صاحبها.