للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن كل إنسان من البشر هو حارث وهمام، مؤمناً كَانَ أو كافراً، غبياً أو ذكياً، ما دام أنه إنسان فهو حارث وهمام، أي له إرادات واعتقادات وتصورات، ويقوم بأعمال يعملها بناءً عَلَى هذه الإرادات والإحساسات، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد فطر كل إنسان أن تكون إراداته وهمه وحرثه فيما ينفعه لا فيما يضره، فأي إنسان عندما يعمل أي عمل إنما يجتهد في عمل ما ينفعه، وإن كَانَ قد يكون ضاراً في الحقيقة، مثل الكافر الذي يجتهد في عبادة الأصنام فهذا شيء آخر، المهم أن يكون اجتهاده حسب ما يعتقد هو ويرى أنه نافع له، فهذه حقيقة واضحة فإذا كانت الفطرة بهذا الشيء، وكان الإِنسَان حارثاً وهماماً، وأنه لا يعمل ولا يكدح إلا فيما يعتقد أنه ينفعه، لا فيما يعتقد أنه يضره

فالمشاهد والمحسوس الآن عند النَّاس جميعاً أنهم يتجهون إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن كل البشر الذين يولدون، يولدون وهم يريدون أن يتبعوا ديناً ما، ويتجهون إِلَى ربٍّ ما، كما سبق أن بينا شبه من يقول: إن الشيوعيين لا يتجهون إِلَى إله، بأن الشيوعي قبل أن يلقن مبادئ الحزب، وقبل أن يعرف أن مصلحته الدنيوية هي في اتباع هذا الحزب، هو أيضاً متجه إِلَى الإله بأي شكل من الأشكال، ولا يوجد عَلَى الإطلاق في أي عصر من العصور، وفي أي أمة من الأمم لا يوجد أبداً مجتمع بلا دين أبداً، حقاً كَانَ أو باطلاً، المهم أن هناك اتجاه إِلَى أن يكون هناك دين، وإله معبود.

وقد قلنا إن أكبر الملاحدة من أمثال البيركامل الذي هو من المدرسة العدنية -كما يسمونها- وهي مدرسة فلسفية أوروبية قال هذا الملحد: "إن مشكلة الإِنسَان المعاصر تتلخص في كلمة واحدة، وهي البحث عن الإله.

<<  <   >  >>