للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالأشخاص فيهم من يأخذ بذلك المنهج كله، وفيهم من يأخذ منه ببعضه، وفيهم من ينتسب إليه بالاسم ويدعيه وهو لا يعرفه ولا يأخذ منه بشيء، فالشاهد هو هذا، وسوف يأتي -إن شاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مزيد من الحديث عن الهروي وعن كتابه عند الحديث عن الأبيات التي ذكرها في نفس هذا الموضع فيما سيأتي.

إنما يقصد بتوحيد الربوبية الاستدلال والإلزام به على توحيد الإلوهية

وامتداداً لذلك نظر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إِلَى بيان أن هذا التوحيد ليس هو المطلوب لذاته، وإنما يأتي في القُرْآن للاستدلال به، وإلزام الْمُشْرِكِينَ بتوحيد الألوهية.

ومن جعله هو المطلوب لذاته وهو الغاية من الطريقة والعبادة كما يقول بعض الضلال والصوفية أو بعض علماء الكلام - فهو عَلَى خطأ عظيم، فالصوفية يدعون أن غاية التوحيد هو أن يعتقد أنه لا تأثير لأحد في الكون إلا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويقول صحاب جوهرة التوحيد المنظومة في العقيدة الأشعرية:

والفعل في التأثير ليس إلا للواحد القهار جل وعلا

ومن يقل بالقوة المودعةِ فذاك بدعي فلا تلتفتِ

ومن يقل بالطبع أو بالعلة فذاك كفر عند أهل الملة

فالتوحيد هو: أن يعتقد الإِنسَان أنه لا مؤثر ولا فاعل في الكون إلا الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ولو دعا غير الله، أو ذبح لغير الله، أو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، وهو يعتقد أن المؤثر هو الله وحده، وأن هذا المدعو أو المرجو أو المعبود من دون الله سواء كَانَ ملكاً أو نبياً أو عبداً صالحاً ما هو إلا واسطة ووسيلة وشفيع، وأن المؤثر الفاعل الحقيقي هو الله فهذا عندهم لا يسمى مشركاً، فمن قَالَ: إنه مشرك فقد كفّر الْمُسْلِمِينَ وهو من الخوارج إِلَى آخر ما يقولون!

<<  <   >  >>