فإن حقيقة التوحيد عندهم، والغاية النهائية من التوحيد أن يترقى الإِنسَان في فهم الوحدانية حتى يصل به الأمر -كما يقولون- إِلَى أن يعتقد أن هذا العالم كله لا تأثير فيه لأحد إلا الله، وكل هذه الأفعال التي نراها في الكون هي من فعل الله وحده فقط.
ونحن نرد عليهم ونبين ونكشف هذه الشبهات بالأدلة القطعية الجلية من كتاب الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ومن سنة رسوله الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن البراهين اليقينية التي يجدها كل مسلم في نفسه، وهي: أن الْمُشْرِكِينَ في الجاهلية ما كانوا يعتقدون لأحد تأثيراً غير الله، وما كانوا يعتقدون أن أحداً خلق أو رزق غير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
هذه هي عقيدة الجاهليين والذين يعبدونهم من دون الله من الآلهة -اللات والعزى ومناة وهبل وود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا، فهذه المعبودات والكهان الذين كانوا يطيعونهم بما يأمرونهم، ويلقون إليهم إنما هم واسطة أو وسيلةأَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ [الزمر:٤٣] ويقولون في تلبيتهم: "لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك".
فلم يجعلوا لغير الله ملكاً ولا تأثيراً ولا فعلاً، ولم يكن أحد من كفار قريش يعتقد أن اللات أو هبل هي التي خلقت هذه الجبال التي يراها أهل مكة، أو هي التي خلقت فلاناً وفلاناً قصي وعبد المطلب من زعماء مكة.
إذاً؛ نقول لهم: أنتم تريدون أن ترجعونا إِلَى عين الشرك القديم، وإلى حقيقة الشرك القديم، وهو أنكم تقولون: إنَّ هَؤُلاءِ الْمُشْرِكِينَ الذين يدعون الإسلام -مثلاً- يعتقدون أنه لا تأثير لأحد إلا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.