وأهل السنة يؤمنون أنه لو أنفق الإِنسَان المسلم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، كما صح ذلك عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهو إنما خاطب به خالد بن الوليد وأمثال خالد، وهو صحابي أيضاً بالنسبة لمن آمن قبل الفتح، فالخطاب في هذا الحديث إنما هو لأولئك الذين أسلموا بعد الفتح، أو ممن كَانَ من المفضولين بالنسبة لفاضلهم ولسابقهم ولمتقدمهم.
فما بالك بالتابعين؟ فكيف بأتباعهم؟! فكيف بمن أتى بعدهم من القرون المتأخرة بعد القرون الثلاثة التي ظهر فيها قول الزور وأصبحوا يتهوكون في البدع، وتتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه -كما ورد في الحديث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!!.
إن المجوس والبوذيين وغيرهم هم في الحقيقة ما قدروا الله حق قدره بعدم تقديرهم رسول الله حق قدره، أو الصحابة حق قدرهم، فالذين يقولون مثلاً في الفقه: إننا أفقه من الصحابة لأن الصحابة كانوا مشغولين بالجهاد ولم يتفرغوا لاستنباط القواعد الفقهية وما عرفوا أصول علم الفقه، فلما أتينا وضعنا قواعد أصولية نستطيع من طريقها معرفة الدليل، فهؤلاء في الحقيقة ما قدروا الصحابة حق قدرهم.
إن الاشتغال بما ورد عن الصحابة رضى الله عنهم وتتبع فقههم وآثارهم تنزل على صاحبها الحكمة بإذن الله سبحانه وتعالى، فأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانت الأمور تأتيهم على الفطرة ويفهمون ما يقوله رسول صلى الله عليه وسلم على الفطرة فعرفوه علماً وجاهدوا عليه عملاً، ودعوا إليه ثم ماتوا وهم ثابتون عليه رضي الله عنهم أجمعين.