يقوليزيد اليانق: سألتأبا وائل شقيق بن سلمة وهو التابعي المشهور تلميذ ابن مسعود رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عن المرجئة فقَالَ: حدثني عبد الله -وهو ابن مسعود - أن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) انتهت العبارة وانتهى الجواب وفهم السامع، ونستخرج من هذه العبارات أعظم رد عَلَى المرجئة، وأمثلة كثيرة جداً، فانظر! كيف كَانَ رد هَؤُلاءِ العلماء، وكيف أوتوا هذه المقدرة العقلية الهائلة.
فالذين يقولون مثلاً في الفقه: إننا أفقه من الصحابة لأن الصحابة كانوا مشغولين بالجهاد، ولم يتفرغوا لاستنباط القواعد الفقهية ولم يعرفوا أصول علم الفقه، فلما أتينا وضعنا قواعد أصولية نستطيع من طريقها معرفة الدليل، فهَؤُلاءِ في الحقيقة ما قدروا الصحابة حق قدرهم.
إن الاشتغال بما ورد عن الصحابة رضى الله عنهم، وتتبع فقههم وآثارهم، تُنزل عَلَى صاحبها الحكمة بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فأصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت الأمور تأتيهم عَلَى الفطرة، ويفهمون ما يقوله رَسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الفطرة، فعرفوه علماً وجاهدوا عليه عملاً، ودعوا إليه ثُمَّ ماتوا وهم ثابتون عليه رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أجمعين.
فمن قال من أهل علم الكلام: إن علم السلف أسلم ونحن أعلم وأحكم، فهذا ضال مضل، وقد أساء وظلم نفسه، ولم يرع ما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من الثناء عَلَى أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأئمة السلف، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنما جعل لنا الخير في أن نتبع هَؤُلاءِ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ [التوبة:١٠٠] .