للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسبق أن قلنا: إن الإِنسَان إذا قَالَ: اللهم بحق نبيك، هكذا مجملة من غير أن يأتي بالفعل "اعطنا كذا" "اغفر لي" -أو بحق أي مخلوق- يحتمل الأمر وجهين: أن يكون سؤالاً وأن يكون إقساماً، فعلى هذا يكون الجاه "بحق" متعلقة بأي شيء لنقدر الفعل "أسأل" فكأنه قَالَ: اللهم إني أسالك بحق فلان، وإذا كانت كذلك كَانَ الاحتمال الآخر فكان الجاه متعلقه بفعل هو "أقسم" فكأنه يقول: أقسم عليك يا ربي بحق فلان، سواءً كَانَ ذلك النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو غيره، أما إذا كَانَ الإقسام سؤالاً بالحق كَانَ يقول رجل: اللهم إني أسألك بحق نبيك مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو بحق فلان من النَّاس عندك أن تغفر لي فهذا الوجه من التوسل البدعي إذ لا مناسبة ولا علاقة بين كون هذا الرجل له حق عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبين أنك أنت ذلك الأجنبي البعيد تدعو الله أو تسأله بحق فلان عندك، ما العلاقة بينك وبين فلان؟

فاللهُ تَعَالَى له عباد طائعون وله عباد عاصون، وله أولياء وله أعداء، ويجازي هذا بطاعته وبتقربه ويجازي ذلك بمعصيته.

فما العلاقة أن مقصراً أو عاصياً يقول: يا رب! أسألك بحق فلان -عبدك الذي أطاعك- أن تغفر لي. ما العلاقة بينهما؟ إن هذا الشيء محذور وبدعي؛ لأنه لا يثبت أصلاً لأحد عَلَى الله حق، وإنما كتب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذلك عَلَى نفسه، وجعله حقاً يجازي به ذلك المحسن، فما علاقة المسيء الذي يريد أن يدعو ربه من خلال حق فلان عنده؟ هذا هو الوجه الأول.

<<  <   >  >>