للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ختم المُصْنِّف هذه الفقرة بقوله: [والدعاء من أفضل العبادات، والعبادات مبناها عَلَى السنة والاتباع، لا عَلَى الهوى والابتداع] وحينما يكون دعاء أكثر الْمُسْلِمِينَ الذين وقعوا في هذه البدعة "اللهم وبجاه نبيك" أو "بحق نبيك" كلما جلس أو قام، وكلما تذكر أن له حاجة، يتحول الأمر إِلَى اعتداء وابتداع، في حين أن الأدعية المشروعة المأثورة في القُرْآن والسنة كثيرة جداً، ومع ذلك فالدعاء المباح بابه واسع.

وكون الدعاء من أفضل العبادات يدل له أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الدعاء هو العبادة) فحقيقة العبادة بجميع أنواعها هي التقرب إِلَى الله لنيل رضاه واجتناب سخطه هذه هي: التي من أجلها يسعى الساعون جميعاً، من الأَنْبِيَاء والملائكة إلى أدنى عباد الله، هذا هو غايتهم، إذاً فالدعاء هو العبادة، والعبادة هي الدعاء في حقيقتها.

والله تَبَارَكَ وَتَعَالَى هو الذي شرع لنا الدين، وأمرنا بعبادته، وجعل لنا هذا الطريق المشروع الواضح إليه، وأرسل رسله ليبينوه، فهل يضيِّقون علينا طريق دعائه، وطريق الوسيلة إليه، فلا يكون إلا عن طريق التوسل بالذوات المخلوقة، قلنا: هذا لا يمكن. وقد ذكر الشيخ مُحَمَّد الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان هَؤُلاءِ الجُّهال عند تفسير قوله تَعَالَى من سورة المائدة: أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة:٣٥] قَالَ: وليست الوسيلة ما يزعمه جهال الملاحدة من الصوفية وأمثالهم أنها الواسطة، وبين أن من الوسيلة هي: العمل الصالح فقوله: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ أي: تقربوا إليه وتوسلوا إليه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بما شرع.

وكما بين المصنف: أن العبادات مبناها عَلَى السنة والاتباع فنتقرب إليه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ونتوسل إليه بالاتباع بما شرع، لا بالأهواء والبدع.

<<  <   >  >>