وإما أن تصرف لغير الله، فتكون شركاً أكبر، وهذا مناقض للتوحيد، الذي من أجله كان الجهاد بالقرآن وبالدعوة، ثم الحرب بالسيف، وهذا يدل على أن التوحيد شأنه أعظم مما يظن هؤلاء، ومن لم يكن الله تبارك وتعالى في قلبه بالمنزلة اللائقة بجلاله سبحانه وتعالى، وبربوبيته للعالمين جميعاً، فإنه لا يستحق أن يكون من أهل الإيمان، لأنه قد ارتكب الشرك المخرج من الملة عافانا الله وإياكم من دقيقه وجليله.
بعد ذلك انتقل المصنف إلى بيان المذهب، والمصنف -رحمه الله تعالى- حنفي المذهب وهو أيضاً ثقة عندما ينقل عن المذهب؛ لأنه من علمائه المتمكنين منه، فهو يكتب في بعض الأبواب ثم يعرج على المذهب ليبين ما وقع فيه أصحابه، لأن أتباع أبي حنيفة رحمه الله هم أكثر أتباع المذاهب الأربعة عدداً، في نفس الوقت يقع فيهم من الشرك ومن الأخطاء الشيء الكثير لا سيما معظمهم من العجم، وطريقة المصنف أن يأتي بمذهب السلف من آيات وأحاديث ليوضح مذهب السلف الحق، ثم يأتي بالمذهب الفقهي أبي حنيفة رحمه الله هم أكثر أتباع المذاهب الأربعة عدداً، في نفس الوقت يقع فيهم من الشرك ومن الأخطاء الشيء الكثير لا سيما ومعظمهم من العجم.
وطريقة المصنف أن يأتي بمذهب السلف من آيات وأحاديث ليوضح مذهب السلف الحق، ثم يأتي بالمذهب الفقهي لأبي حنيفة -رحمه الله- ولصاحبيه، ليبين أن هذا مثل هذا، وأنه لا منافاة بينهما لأن الأئمة الأربعة -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- على عقيدة ومنهج السلف الصالح، فلم يكن في الأئمة الأربعة من هو مبتدع في أي باب من أبواب العقيدة والإيمان، إلا ما نقل عن أبي حنيفة في مسألة الإرجاء، وقد نقل الرجوع عنه، وهو أخف أنواع الإرجاء؛ لكن الإمام أبا حنيفة رحمة الله في الصفات من أشد الأئمة في هذا الباب حتى أنه قال: من قال: لا أدري أربي في السماء أو في الأرض فقد كفر؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:٥] .