للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالمؤسف أن الأمة الإسلامية لما انحرفت وضلت عبر القرون، أصبح الإنسان ينتمي إلى أي مذهب من المذاهب في الفقه فقط، وينتمي إلى أي مذهب كلامي في العقيدة، فيكون مثلاً معتزلياً في العقيدة حنفياً في الفقه، صوفياً في الطريقة؛ والمصنف هنا يأتي بكلام الإمام أبي حنيفة وصاحبيه -رضي الله تعالى عنهم- ليبين أنهم على منهجالسلف، وأن من انتسب إليهم في الفقه يجب عليه أن يكون على مذهبهم في العقيدة، والطريقة من باب أولى؛ لأن ما أحدث من الطرق الصوفية هو أكثر وأوغل في البدعة، حتى جعلوا الفقه -مع أنه يقبل الاجتهاد مع المرونة التي فيه- لا يتعلق بالتعبد، فالأئمة الأربعة وكل علماء الإسلام لم يكن لهم في التعبد إلا منهج واحد فقط، فالعبادة أوضح شيء في حياة المسلم لأنها عمل يومي، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يعملونه يومياً ولذلك طبقته الأمة ونقلته بالتواتر حتى جاء هؤلاء الصوفية فغيروا طريقة التعبد في الصلوات وتلاوة القرآن وقراءة الأذكار النبوية، فكتبوا الأوراد وجعلوها كتباً عقيمة سقيمة، تحفظ غيباً ولا يفهمها أحد ولا يفقه معناها، وأرغموا بها الناس وجعلوها ورداً للطريقة تتبع ويتقرب بها إلى الله في اليوم آلاف المرات.

فهؤلاء الانتساب إليهم لا أصل له بإطلاق؛ لأن الانتساب في الفقه أصله أن رجلاً رأى إماماً من أئمة الفقه والعلم فانتسب إليه، لكن هذا ينتسب إلى أي شيء عندما يقول: أنا طريقتي شاذلي، أو قادري، أو رفاعي، ماذا عمل الشاذلي، أو الرفاعي، إن كانت عبادات وأذكار مشروعة يعملها المسلمون، فنحن والحمد لله نأخذ هذه العبادات من مصادرها الصحيحة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولماذا نفرق أنفسنا فنجعل هذا قادري وهذا شاذلي وهذا رفاعي؟

من الذي شرع هذا الاسم بالذات؟ وشرع لي هذا الانتماء، وهذا الانتساب بالذات؟

<<  <   >  >>