يقول المصنف:[وتارةً يقول: بجاه فلان عندك، أو يقول: نتوسل إليك بأنبيائك ورسلك وأوليائك، ومراده لأن فلاناً عندك ذو وجاهة وشرف ومنزلة] فأقول: أسألك بجاهه عندك أن تغفر لي وترزقني وتحفظني إِلَى آخر ما يدعو به النَّاس كثيراً في هذه الأيام، يقول:[وهذا أيضاً محذور فإنه لو كَانَ هذا هو التوسل الذي كَانَ الصحابة يفعلونه في حياة النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفعلوه بعد موته] فكيف يموت هذا الجاه أو المنزلة عند الله عَزَّ وَجَلَّ؟!!
فإذاً كَانَ المقصودُ مِنَ النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس هو ذاته الشريفة، فكيف يصح هذا وقد كَانَ الصحابة الكرام يتبركون بشيء من ذاته، فلما مات انقطع التبرك، وجاه الرَّسُول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ربه هل ينقطع بموته؟ هل ينتهي بانتهاء وجوده في هذه الحياة الدنيا والتحاقه بالرفيق الأعلى؟
والجواب: أن جاهه لا ينتهي فهو موجود، إذاً فما المحذور؟ المحذور أن ندعو الله بجاهه، إذ لو أن المسألة تعود إِلَى مجردِ أن له جاهاً عِندَ اللهِ لما ترك الصحابة التوسل به. نعم له جاه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومَن مِنْ الخلق أعظم جاهاً عندَ اللهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو سيد ولد آدم الأولين منهم والآخرين، وهو أفضل الرسل أجمعين، وهو خيرة الله ومصطفاه من هَؤُلاءِ الخلائق أجمعين، وهل أحد أكثر جاهاً عند رَبّ الْعَالَمِينَ من عبده ورسوله الأمين مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! لا يوجد أبداً من هو أكثر جاهاً ومنزلة وشرفاً من رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهل يوجد في الأمة من هو أكثر عبادةً وأكثر حرصاً عَلَى التوسل والتقرب إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، وأكثر معرفة بقدر النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجاهه من صحابته الكرام؟ لا يمكن أبداً، ولكن بماذا دعا الصحابة؟