للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا نَجِدُ أنَّ الصحابة الكرام في حياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا يتوسلون إِلَى الله بدعائه، وقد يرده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما جاءوا إليه وهو متوسداً في ظل الكعبة قالوا: يا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادعُ اللهَ لنا، إن البلاء قد اشتد علينا من قريش، فلم يستجب لهم؛ بل قام صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محمر وجهه من الغضب، المقصود من هذا كله أنهم كانوا يأتون إِلَى رَسُول الله ويقولون: ادع الله لنا في كذا، أو يخرجون يدعون وهو يدعو معهم، أو يدعو وهم يؤمنون، فهذا هو التوسل المقصود به في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وما ورد فيه من أحاديث كثيرة فهذه صورته وهذه حقيقته، فعندما توفي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجَاءَ الجدب في عهد عُمَر خرجوا يستسقون ويدعون الله، فلو كَانَ التوسل بالرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جائزاً فلماذا لم يقولوا: اللهم إنا نسألك بجاه نبيك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ترحمنا وأن تسقنا وأن تغيثنا؟ ما المانع من ذلك؟!

وهَؤُلاءِ هم الصحابة كلهم وعلى رأسهم أمير المؤمنين عُمَر، الذي تعلمون عِلمَهُ وفقهه ودرجته في الدين يقول: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والآن لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد مات نتوسل إليك بعم نبينا، إذاً المسالة بعد وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تختلف اختلافاً كلياً عنها في حياته.

<<  <   >  >>