وقوله:[وإنما كانوا يتوسلون في حياته بدعائه، يطلبون منه أن يدعو لهم وهم يؤمِّنون عَلَى دعائه كما في الاستسقاء وغيره] ، ثُمَّ ذكر ماذا صنع الصحابة الكرام بعد وفاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مع أنهم أكثر الأمة إيماناً، وحرصاً عَلَى الخير، وأعظمهم تقرباً وحباً لرَسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعرفة لمنزلته وجاهه عند ربه، حتى توفي ولحق بالرفيق الأعلى.
وإن توسل الصحابة بجاهه كما يزعم هَؤُلاءِ النَّاس فهم القدوة، ولا محظور في ذلك، وما نَحْنُ إلا أتباع وإن كانوا انصرفوا وعمدوا إِلَى أمر غير ذلك مع معرفتهم به، فنذهب إِلَى ما ذهبوا إليه، إلا أن يتهمهم متهم بأنهم جهلة ولاسيما أنهم جميعاً خرجوا للاستسقاء واحتاجوا إِلَى ذلك، ولم يتوسلوا بجاه النبي. فهل جهلوا أو نسوا كلهم أن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له جاهه عند الله لا يموت ولا يفني بموته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانتقاله إِلَى ربه، وأنه كَانَ يجب عليهم أن يتوسلوا بهذا الجاه، فإن قال ذلك قائل، فيا لها من تهمة، وإن لم يقلها فالحق واضح، فالذي وقفنا عليه هو: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما مات انقطع توسل الصحابة الكرام بدعائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
توسل عمر بدعاء العباس دليل واضح على عدم جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته
عندما وقع الجدب في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، خرج الصحابة يستسقون، وكان معهم العباس بن عبد المطلب عم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أمير المؤمنين في دعائه، اللهم إنِّا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، أي: كنا في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتوسل إليك يارب بدعائه.