للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في هذا الموقف والصخرة عَلَى فم الغار فرجت للأول قليلاً لكن لا يستطيعون الخروج منها، وفرجت للثاني قليلاً؛ ولكنهم كذلك لا يستطيعون الخروج منها، والثالث: دعا الله أنه أوفى الأجير حقه بعد أن نماه له، فهَؤُلاءِ النَّاس عملوا أعمالاً صالحة، وتوسلوا إِلَى الله بها، ألم يكن عندهم أنبياء؟ بلى كَانَ عندهم أنبياء وأولياء ولم يتوسلوا إلا بالمشروع، ففرج الله عنهم ما هم فيه بالتوحيد فالتوحيد يفرج الله به عن الإِنسَان، فبالتوحيد تنال العزة في الدنيا والآخرة، وبالشرك يكون الخزي والذل في الدنيا ويكون العذاب الأبدي في الآخرة، فهذا هو شأن الثلاثة، فالتوسل بالأشخاص لم يكن لا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا بغيره، وفيه إجمال كما قال المصنف.

أما التوسل بدعائه في حياته فلا بأس به أما بعد موته فلا نتوسل إلا بالإيمان به، وبمحبته وطاعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن كَانَ عبداً صالحاً حياً فلا بأس أن يدعو للمسلمين، وإن كَانَ ميتاً فلا يُدعى، وأما إذا أريد به الإقسام بالحق والجاه -ولو كان جاه النبي - فلا يجوز، وهو مما لم يُشرع لنا أن نتقرب به إِلَى ربنا، يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: فهَؤُلاءِ -يعني: الثلاثة- دعوا الله بصالح الأعمال؛ لأن الأعمال الصالحة هي أعظم ما يتوسل به العبد إِلَى الله، ويتوجه به إليه ويسأله به، لأنه وعد أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله.

التوحيد أمر مركوز في الفطر لا يحتاج إِلَى استدلال، وإنما يحتاج إِلَى أن يتذكر ويستظهر، ولذلك ذكر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى دلائل الربوبية العظمى في القُرْآن مربوطة بالنظر في ملكوت السموات والأرض والتأمل في الأنفس والآفاق.

قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ:

<<  <   >  >>