للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الله تعالى: وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزمر:٤٧] فماذا تتوقعون أن يرى الكافر، وكذلك المسلم العاصي؟ كَانَ بعض السلف إذا قرأ هذه الآية يبكي: وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ، لأن الإِنسَان لا يدري ما حاله عند الله، كيف إذا جيء بالثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النَّار نسأل الله العفو والعافية، يؤتى بالقارئ أو العالم فَيَقُولُ: قد قرأت القرآن، وتعلمت العلم، وتفقهت في الدين، من أجلك يارب، فيُقَالُ له: كذبت، إنما تعلمت ليقال قارئ أو عالم، وقد قيل، اذهبوا به إِلَى النَّار نسأل الله العفو والعافية، كَانَ يرى أنه عَلَى خير، وعلى حسنات، وإذا بتلك الأكوام من الحسنات تذهب وتمضي، وكذلك الجواد الكريم المرائي، وكذلك المجاهد المرائي.

كذلك الذي يظلم عباد الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ويغشهم ويفتري عليهم ويغتابهم ويضربهم ويؤذيهم هَؤُلاءِ يأتون بحسنات كالجبال، ولكن يأتي أحدهم وقد ضرب هذا، وظلم هذا، وسفك دم هذا، وغصب مال هذا، فماذا تكون النتيجة إذا طالب أهل الحقوق بحقوقهم؟ يأخذ من حسناته فتعطى لهم، ففي الآخرة لا درهم ولا دينار، إنما هي الحسنات والسيئات فيؤخذ من حسناته فيعطى لأولئك الغرماء، وإذا لم تكفِ يؤخذ من سيئاتهم فتطرح عليه فيطرح في النَّار نسأل الله العفو والعافية، إذاً هذا يوجب من العبد كمال التيقظ ودوام التذكر والتدبر، فالعبد إذا عرف بالعقل أن له رباً أوجده، كيف يليق به أن يعبد غيره؟ وكلما تفكر وتدبر، ازداد يقينا وتوحيداً، والله الموفق، لا رب غيره، ولا إله سواه.

دعوة إلى التفكر في الأنفس والآفاق

<<  <   >  >>