ولهذا أُمرنا في آيات كثيرة بأن نتفكر وأن نتدبر في أنفسنا وفي الآفاق وفي الأحياء والأموات وفي الماء وفي الجبال والشمس والقمر والنجوم والسماء وفي هذه الحدائق والأزهار والأشجار، وكل ما نراه أمامنا فهو موضع عبرة، وموضع تفكر، لو تفكر الإِنسَان لازداد يقيناً، وازداد توحيداً، وطاعة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
ولقد كَانَ السلف الصالح رضوان الله تَعَالَى عليهم يتفكرون في هذا، ويتفكرون معه في أحوال الأمم، وفي مصير الغابرين والهالكين من الموتى، وهذه عبر عظيمة لا يتفكر فيها إلا المؤمنون.
فالنظر في الطبيعة من هذا الكون يشترك فيه المؤمن والكافر ويتعجبون، لكنِ المؤمنون يختصون بنظر اعتبار وإيمان في الموتى وفي الأمم الخالية وفي العصور السابقة.
ويتفكر الإِنسَان أين قوم نوح؟ وكم كَانَ يعيش الإِنسَان من قوم، نوح وأين عاد؟
وكيف كَانَ حال ثمود الذين نحتوا الجبال واتخذوا من سهولها قصوراً، وأمدَّهم الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بالأنعام والبنين، ماذا صنع الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بهم؟ وماذا كَانَ جزاؤهم ومصيرهم؟
وأين قوم لوط؟ ولماذا أهلكوا؟ ولماذا عذبوا؟ وما هو الذنب الذي فعلوه؟ كل ذلك مما يتفكر به عباد الله المؤمنون، يتفكرون في أقدار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وفي عجائب خلقه وتدبيره.
كيف يموت أبو طالب عَلَى الكفر وقد ولد وتربى مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حضنه وفي حجره، جَاءَ الوحي إِلَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعاش صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو إِلَى الله وهو في حماية أبي طالب حتى أنه حوصر معه في الشعب، ودافع عنه وحماه، ولكنه مات عَلَى الكفر.