للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال تعالى: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإِنسَان:٣] فهو الذي يختار أن يكون من الشاكرين أو يكون من الكافرين بمحض إرادته واختياره، والله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إنما فضل بني آدم عَلَى المخلوقات في الأرض بهذه الإرادة وهذا الاختيار، وكذلك إذا عمل بالطاعة أكرمه الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بالجزاء الأوفى، وهي الجنة ورؤيته -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وإن عمل بالمعصية عاقبه أعظم وأشد العقوبة وهي النار، بخلاف العجمي-الحيوان- يحشرها الله يَوْمَ القِيَامَةِ ويقتص لبعضها من بعض؛ حتى إنه {يقتص للشاة الجلحاء -التي ليس لها قرون- من الشاة القرناء} -ذات القرون- وبعد أن يفصل الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بينها يقول لها تَبَارَكَ وَتَعَالَى: كوني تراباً، وحينئذٍ يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً؛ لأنه في الدنيا اختار المعصية، فتمنى يَوْمَ القِيَامَةِ أن يكون حيواناً ليكون تراباً ولا يدخل النَّار.

فالإِنسَان قد احتمل الأمانة وكلف بهذا الدين، وجعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى له سبيل الاختيار، فبإمكانه أن يترقى في أعلى درجات المقربين، وبإمكانه أن يسفل إِلَى أحط درجات المبعدين المبغضين عند الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

وأول ما ظهر التكذيب بالقدر في مكانيين: البصرة، ودمشق.

والذي أظهره في البصرة هو معبد الجهني، وفي دمشق رجل يدعى غيلان الدمشقي.

<<  <   >  >>