للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما غيلان فإنه يبدو أنه أخذها عن أهل الكتاب -فإنه كَانَ في دمشق نصارى- ويقَالَ: إنه تتلمذ عَلَى يد أحد الرهبان يدعى يوحنا النصراني -وهذا في أيام بني أمية- وقال عنهالذهبي: ضال مسكين أخذ هذه البدعة -إنكار القدر- من يوحنا، وأما معبد الجهني فإنه كَانَ بالبصرة، وكانت أول بلاد الإسلام ظهوراً للبدع؛ لأنها تقع في أقرب نقطة إِلَى الفرس وبلاد الهند، وهذه الدول لها فلسفات وأديان وعقائد موروثة، فلما اختطتالبصرة وسكنها الْمُسْلِمُونَ من قبائل بني تميم وأشباهها -ممن تأخر دخولهم في الإسلام وبعضهم ارتد عن الإسلام بعد وفاة النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عاد فيه، كَانَ فيها بعض أصحاب النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهم الذين أشاعوا فيها النور والخير؛ لكن مع ذلك فيها هَؤُلاءِ الذين أسلموا حديثاً من الفرس والهنود، ولديهم بقايا من موروثاتهم ومعتقداتهم.

فظهرت في البصرة أول البدع، من ذلك بدعة الغلو في العبادة، والزهد إِلَى حد التصوف، وبدعة إنكار القدر، وفي أول صحيح مسلم أن رجلين من التابعين أتيا إِلَى ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما- وقالا له: إن قوماً عندنا بالبصرة قد أظهروا إنكار القدر، فغضب ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ من ذلك غضباً شديداً، وقَالَ: بلغوهم أنني منهم براء، وأنهم مني براء، ثُمَّ ذكر الحديث عن أبيه عمربن الخطاب وهو حديث جبريل المعروف.

<<  <   >  >>