للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- فإنه لما بلغه قول من أنكر القدر -وكان قد كبر وكف بصره- قَالَ: قربوه مني فوالله لئن أمكنني الله منه لأدقن عنقه، ثُمَّ أَخبر أن هَؤُلاءِ مجوس مُشْرِكُونَ، وأنهم والله سينكرون الخير كما أنكروا الشر، يعني: كما أنكروا نسبة الشر إِلَى الله فسوف يأتي عليهم يوم ينكرون أيضاً الخير، فيكونون مجوساً، ويعلنون الشرك، كما أن إليات نساء دوس ستضطرب عَلَى ذي الخلصة، فكما سيقع الشرك في الألوهية والعبودية، فسوف يقع شرك هَؤُلاءِ في القدر، هكذا قال ابن عباس -رضي الله عنهما- فيما رواه اللالكائي.

فالقول بالقدر ظهر في أواخر حياة الصحابة -وعبد الله بن عمر وابن عباس من صغار الصحابة- ثم ظهرت المعتزلة وأخذوا مقالة المجوس الذين قالوا: أن للعالم إلهين، أو خالقين: إلهاً للخير، وإلهاً للشر، فالمعتزلة الذين سُمو قدرية قالوا: إن الله سبحانه وتعالى إنما يقدر على أن يخلق في الإنسان، وأما الشر: فإن الإنسان هو الذي يخلقه من عند نفسه، فجعلوا خالقاً مع الله سبحانه وتعالى، وجعلوا الله خالقاً للخير، والإنسان خالقاً للشر، ولهذا سموا {مجوس هذه الأمة} ، وقد ورد تسميتهم في عدة أحاديث مرفوعة، وكثير من العلماء يرجح أنها موقوفة عَلَى كلام الصحابة كابن عباس وغيره، وسيأتي تفصيله -إن شاء الله-. .

ثانياً: إنما سميت القدرية بهذا الإسم لأنهم نفوا القدر، فنُسبوا إِلَى الشيء الذي نفوه.

<<  <   >  >>