للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاعتداء في الدعاء يمنع من قبول الدعاء. ومثاله: أن تعلم أن الله عَزَّ وَجَلَّ إذا قبض ميتاً لا يبعثه مرة أخرى في هذه الحياة الدنيا، فتدعو الله أن يبعثه! لأن هذا لا يمكن أن يتحقق. أو تدعو الله عَزَّ وَجَلَّ أن ينتقم من رجل صالح من عباد الله الأتقياء، وأنواع الاعتداء في الدعاء كثيرة.

وظاهر دعاء أم حبيبة رَضِيَ اللهُ عَنْها أنه نوع من الاعتداء في الدعاء؛ لأن دعاء الإِنسَان لأحد بطول العمر أو قصره مع الاعتقاد الجازم أن الله خلق الخلق وقدر لهم أقداراً، وضرب لهم آجالاً، فيه اعتداء واضح.

وجهة النظر الأخرى: الدعاء سبب والأسباب مخلوقة والله عَزَّ وَجَلَّ يقول: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:٣٩] فلا يبعد أن يكون هذا من الأسباب التي تدفع البلاء وترد القضاء وتجعل صاحبها يطول عمره، وكما أن الإِنسَان إذا وصل رحمه، فإنه يطول عمره فكذلك إذا قطعهم، فإنه يقصر عمره.

النذر لا يرد القضاء

وتطرق المُصْنِّفُ بعد ذلك إِلَى النذر، لأن كثيراً من العوام يظنون أن النذر يحقق لهم ما يريدون، فإذا مرض لأحدهم مريض نذر أنه إذا شفى الله مريضه أن يتصدق بكذا وكذا من المال، فإذا شفي المريض ظن أن ذلك بسبب النذر، وأنه قد استرضى الله تَعَالَى بهذا العمل الصالح، وهذا أيضاً مما رده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولهِ: (إن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل) وذلك أن البخيل قبل أن يبتليه الله تَعَالَى لا ينفق ولا يتصدق، فلما حلت به البلية نذر عَلَى نفسه بالإنفاق والتصدق، وهذا مالا ينبغي أن يكون عليه المؤمن.

<<  <   >  >>