للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما (سُئل أي الصدقة أعظم أجراً، قَالَ: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخاف الفقر وترجو الغنى) فالمؤمن في وقت الرخاء يتصدق ويعطي، فإذا نزلت به بعد ذلك نازلة فإنه يسأل الله عَزَّ وَجَلَّ ولا ينذر، فإن سأله - مثلاً - بالعمل الصالح الذي عمله في وقت الرخاء، كأن يقول: اللهم يا رب! إني تصدقت بتلك الصدقة عَلَى فلان فإن كنت تعلم أنها خالصة لوجهك الكريم فاشف مريضي، كما فعل أصحاب الغار، فهنا يكون الدعاء في محله، وتكون تلك الصدقة في محلها؛ لأنها حصلت في وقت رخاء، فيكون أحسن حالاً من ذلك البخيل.

الدعاء وهو العبادة

والذي ينبغي أن يعلم أن الدعاء بحد ذاته عبادة لا يستغنى عنه أي مخلوق، وقد طلب الله تَعَالَى منا ذلك بقوله: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:٦٠] ، أما ما يقوله بعض الفلاسفة أو بعضالصوفية الغلاة - وتسرب إِلَى بعض العوام- أنه لا حاجة إِلَى الدعاء، وبعضهم يفلسفها بكلمة واحدة فَيَقُولُ: (علمه بحالي يغني عن سؤالي) ، وهذا غير صحيح، لأن الله سبحانه يعلم أحوال العباد لكنه يريد من العبد أن يتضرع إليه وأن يظهر الانكسار بين يديه، والخضوع؛ لأن هذه قربة وعبادة، وأشد ما يكون العبد خاضعاً لله عَزَّ وَجَلَّ عندما يتضرع إليه في أمر ملح وهو محتاج مضطر إليه.

<<  <   >  >>