للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الزخرف:٢٠] فقد ذمهم الله تَعَالَى حيث جعلوا الشرك كائناً منهم بمشيئة الله، وكذلك ذم إبليس حيث أضاف الإغواء إِلَى الله تَعَالَى إذ قَالَ: رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [الحجر:٣٩] .

قيل: قد أجيب عَلَى هذا بأجوبة، من أحسنها: أنه أنكر عليهم ذلك لأنهم احتجوا بمشيئته عَلَى رضاه ومحبته، وَقَالُوا: لو كره ذلك وسخطه لما شاءه، فجعلوا مشيئته دليل رضاه، فرد الله عليهم ذلك.

أو أنه أنكر عليهم اعتقادهم أن مشيئة الله دليل عَلَى أمره به، أو أنه أنكر عليهم معارضة شرعه وأمره الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه بقضائه وقدره، فجعلوا المشيئة العامة دافعة للأمر، فلم يذكروا المشيئة عَلَى جهة التوحيد، وإنما ذكروها معارضين بها لأمره، دافعين بها لشرعه، كفعل الزنادقة، والجهال إذا أُمروا أو نُهوا احتجوا بالقدر.

وقد احتج سارق عَلَى عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بالقدر، فقَالَ: وأنا أقطع يدك بقضاء الله وقدره.

يشهد لذلك قوله تَعَالَى في الآية: كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الأنعام:١٤٨] .

فعلم أن مرادهم التكذيب، فهو من قبل الفعل، من أين له أن الله لم يقدره؟ أطلع الغيب؟

] اهـ.

الشرح:

هذه الفقرة كلها متماسكة، وموضوعها هو موضوع الاحتجاج بالقدر، وإثبات مشيئة الله عَزَّ وَجَلَّ، والرد عَلَى المحتجين بالقدر وهو رد عَلَى بعض شبهاتهم، كما في الشبهة الإبليسية والشبهة الشركية، شبهة الْمُشْرِكِينَ وشبهة إبليس اللعين حينما احتج هَؤُلاءِ وهَؤُلاءِ بقدر الله تعالى.

<<  <   >  >>