يقول أبو جعفر الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:[وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن] .
الأدلة على المشيئة الكونية
واستدل الشارح عَلَى ذلك بالآيات الكثيرة المعروفة: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:٢٩] وأمثال ذلك من الآيات، كما في قوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً [الأنعام:١٢٥] ونحوها من الآيات التي تدل عَلَى أن مشيئة الله عَزَّ وَجَلَّ شاملة ونافذة، لا يندُّ ولا يخرج عنها شيء رداً عَلَى دعوى المجوس، ومن اتبعهم في ذلك من هذه الأمة، وهم القدرية من المعتزلة وغيرهم
إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد كتب مقادير كل شيء، وما شاءه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فهو كائن، فلا بد من هداية المهتدي، وإضلال المضل، وكفر الكافر، وإيمان المؤمن فكل ذلك لا يخرج عما شاءه الله عَزَّ وَجَلَّ، وعما كتبه، وعما قدره وقضاه.
الشبهة الإبليسية
أما الشبهة التي وقعت لإبليس اللعين من قبل لما قال: رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْض [الحجر:٣٩] ، كأنه يقول: إن ما سوف أفعله من التزيين ومن الإغواء إنما هو بسب أنك أغويتني، يعني: كأن هذا سببه هذا.