للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذا هو الذي يجب أن يُفهم، وقوله: [والحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسة] ثُمَّ ذكر حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وهو حديث صحيح رواه الإمام مسلم والإمام أَحْمَد وفيه: (جَاءَ ناس من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألوه: إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ فشكوا ذلك إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شكوى مجملة، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أو قد وجدتموه؟) .

وجواب النبي هذا يدل عَلَى أنه كان منتظراً منهم هذا السؤال، وهذه بشرى لحديثي عهد بالتمسك، وفي رواية أخرى (لأن يصبح أحدنا حُممة محترقة) ، كيف يكون حال هذا الإِنسَان الذي يود لو أصبح فحمة محترقة ولم يتكلم بهذه الشكوك والخواطر، هذا قوي الإيمان، فلهذا يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذلك صريح الإيمان) وفي رواية أخرى (ذلك محض الإيمان) ويقول المُصْنِّف هنا: [ولمسلم عن ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سئل الرَّسُول عن ذلك فَقَالَ ذلك محض الإيمان] ومعنى حديثأَبِي هُرَيْرَةَ وسوسة النفس أو مدافعتها، أي أن الحديثين هما في الحقيقة وردا في موضع واحد أنه سئل عن الوسوسة، فيقول المصنف:

[فإن وسوسة النفس أو مدافعة وسواسها بمنزلة المحادثة الكائنة بين الاثنين فمدافعة الوسوسة الشيطانية واستعظامها صريح الإيمان ومحض الإيمان] ، ويمكن أن يحمل الحديث عَلَى أحد الأمرين:-

الأمر الأول: أن يكون المشار إليه بأنه الموصوف: [محض الإيمان] هو المدافعة كما ذكر ذلك المُصْنِّف ومعناه: أي أنكم ما دمتم تدافعونها فهذا دليل عَلَى قوة إيمانكم، فلا تيأسوا وهذه بشرى وخير لكم وليس شراً كما تظنون، والمدافعة والمجاهدة هذه هي محض الإيمان لأنها مترتبة عليه وناشئة عنه.

<<  <   >  >>