انظروا مثلاً قصة سلمان الفارسي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لما ذهب إِلَى الراهب في دمشق من علماء أهل الكتاب، وقد كَانَ خدمه سلمان أربعين سنة، وهو يتعبد فكان يجمع الزكوات والعطايا، عَلَى أن يعطيها الفقراء، وهو في الحقيقة يجعلها في قلال من الفخار ويكنزها، فلما مات وجاء النَّاس إِلَى سلمان قالوا: أنت الفارسي الذي جئت من بلاد الفرس تتعبد عند الحبر الأكبر؟ قالوا: نريد أن نعمل جنازة كبرى تليق بهذا الحبر العظيم، قال سلمان: قفوا!
وقَالَ: هذه هي القلال من الذهب والفضة التي كنتم تعطونه إياها ليتصدق بها عَلَى النَّاس فلما رأوها تركوا جنازته ولم يعملوا له شيئاً.
فهَؤُلاءِ هم علماء النَّصَارَىوما أدراك ما يفعل أحبار اليهود، ولكن أفضل العلماء همالعلماء الذين أنجبتهم هذه الأمة؛ لأن الذي رباهم هو مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اقرأوا سيرة عبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن عباس أحبار هذه الأمة -إن صح التعبير- وانظروا كيف كانت حياتهم كيف كانت سمعتهم.