فهذا النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مواضع التكريم نجد وصفه بالعبودية، مثل قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً [الإسراء:١] هذا النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصل في ليلة الإسراء والمعراج إِلَى درجات عليا لم يصلها أي مخلوق قبله عَلَى الإطلاق، درجةً عليا عظيمة جداً فقد يتوهم متوهم أنه لا يفعل هذا إلا الإله، فَقَالَ الله -جل شأنه-:سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء:١] فهو عبد لله تعالى؛ لأنه حقق العبودية الكاملة، فأعطاه الله هذه الدرجات العالية هذا أولاً.
وثانياً: مهما ارتفعت منزلته أو قيمته، فإنه ما يزال عبداً لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
أعظم وصف هو وصف العبودية:
فوصف العبودية هو أعظم وصف، ولذلك كلما كَانَ الإِنسَان عبداً حقيقياً لله، في بيته وعمله ومسجده ومحكمته، وفي أي مكان حل فيه؛ يعد محققاً لعبودية الله في هذا الموضع، وما فرضه الله في هذا الوقت فهو أقرب إِلَى الكمال، الذي هو كمال التقوى، ودرجة الكمال التي لا يبلغها إلا القلة من النَّاس أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، هذا بشأن تحقيق العبودية.
وإذا عرفنا حقيقة العبادة، فلا نستغرب أن تكون الهمة العالية لدى كل عباد الله الصالحين تتجه إِلَى تحقيق هذه العبودية لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإنه إذا كانت العبادة هي كما قال شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ:"اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة".
فالأعمال الباطنة مثل: أعمال القلب من اليقين والصبر والتوكل والرجاء والخوف والمحبة والإنابة والإخبات.
والأعمال الظاهرة: كالصلاة والزكاة والجهاد والحج، وأمثال ذلك. فإذا كانت العبادة تشمل هذا كله، فكل من حقق شيئاً من هذه الأعمال الباطنة، فهو أكثر عبودية لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من غيره.