للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذا تحقيق العبودية لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبيان أن الإِنسَان كلما حققها أكثر كلما ترقى أكثر، والنتيجة النهائية أن أعظم وصف وصف به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنه عبد لله، ونحن نقول:أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو صاحب العبودية الكاملة -لله عَزَّ وَجَلَّ- التي لم تتحقق في أي مخلوق؛ ولهذا فإن كل الأَنْبِيَاء يَوْمَ القِيَامَةِ يتراجعون إِلَى أن يصل الأمر إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ: أنا لها! أنا لها! لأن العبودية الكاملة محققة فيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ضوابط حبه ومدحه عليه الصلاة السلام:

قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تطروني كما أطرت النَّصَارَى ابن مريم) والإطراء: هو المبالغة في الثناء، فبعض النَّاس يطري -وإن كَانَ هذا الثناء حق- وينسى الكلمة الفاضلة، فَيَقُولُ: إن سيدنا ومولانا وقائدنا وإمامنا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثلاً، بينما لو قَالَ: مُحَمَّد عبده ورسوله لكان أفضل؛ لأن العبودية: هي الأفضل وهي التي جاءت في القُرْآن في مقام التكريم، وهي التي قالها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ بعد ذلك قل ما شئت وكونه إمامنا وقائدنا ومولانا وسيدنا كل هذا حق، ولكن الأفضل أن تستخدم اللفظة الشرعية التي وردت هذا الأصل: لأن العبودية هي أعظم وَصفٍ وُصفَ بهِ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن بالغ فيه وظن أنه يمدحه، فهذا مثل شاعر من الشعراء أعرابي بدوي يسمونه علي بن الجهم من الشعراء المشهورين في الدولة العباسية، كَانَ لا يعرف شيئاً؛ لكن شعره شعرٌ عربي فصيح؛ لكن عَلَى ما في البادية، وما يفهمه النَّاس فيها، وما يمدح به النَّاس بعضهم بعضا، فلما جَاءَ إِلَى الخليفة في بغداد وأراد أن يمدحه بقصيدة قال له:

<<  <   >  >>