ومثاله: لو أنك مشيت فرأيت بيت القاضي وحوله أناس مجتمعون عَلَى وجوههم الوجوم والحزن والأسف، ثُمَّ رأيت الحرس واقفين مصطفين باتجاه المقبرة مثلاً، ثُمَّ رأيت من يأتي بسيارة إسعاف، ورأيت أشياء تدل بواقع الحال عَلَى أن هناك موتاً، وفي هذا الوقت لو جاءك أحدٌ ولو كَانَ طفلاً صغيراً وقال أما تدري أن القاضي قد مات، لاستيقنت قطعاً أنه قد حصل الموت، بخلاف ما لو كنت مثلاً راكباً في الطائرة وقال لك أحد الناس: إن القاضي قد مات، لم يكن هذا قطعاً لك بصدق الخبر، فإذاً القرائن والملابسات تؤدي إِلَى العلم القطعي.
وعليه فليس من الشرط لحصول العلم القطعي التواتر؛ بل اليقين القطعي قد يحصل بقرائن الأحوال.
قرائن أحواله وسيرته صلى الله عليه وسلم أبهرت العقول
إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد احتفت بسيرته وبأحواله وبكلامه من قرائن الأحوال العجيبة ما يبهر العقول فأم معبد ينزل عندها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الخيمة وهو عابر سبيل فتقطع بأنه نبي مرسل.
والرجل الأعرابي يسمع أن هناك نبي ظهر فيقول أين هو؟ فيرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ: والله ما هذا بوجه كذّاب، وإن قالت قريش إنه كذّاب، ما نطق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا قلب العصى حية، ولا أخرج يده فإذا هي بيضاء للناظرين؛ بل هي قرينة حاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلو لم يكن هناك أي آيات إلا أن بديهته تأتيك بالخبر لكفى بذلك برهاناً ساطعاً عَلَى صدق نبوته.