للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقضية استلزام الصدق للبر والتقوى واستلزام الكذب للفجور، هذه حقيقة يعرفها كل واحد من الناس، حقيقة يتعامل بها النَّاس حتى بين الكفار بعضهم مع بعض: يعلمون أن من لوازم استقامة هذا الرجل أنه لا يكذب، وفي المقابل من عرف عنه أنه يكذب فمن غير المستبعد أن يسرق أو يختلس، وهكذا تلازم هذه الأمور هو كما ذكر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هنا.

وقَالَ المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ:

[وما من أحد ادعى النبوة من الكذابين، إلا وقد ظهر عليه من الجهل والكذب والفجور واستحواذ الشياطين عليه ما ظهر لمن له أدنى تمييز، فإن الرَّسُول لا بد أن يخبر النَّاس بأمور، ويأمرهم بأمور، ولا بد أن يفعل أموراً يبين بها صدقه، والكاذب يظهر في نفس ما يأمر به، ويخبر عنه، وما يفعله، ما يبين به كذبه من وجوه كثيرة والصادق ضده. بل كل شخصين ادعيا أمراً: أحدهما صادق والآخر كاذب لا بد أن يظهر صدق هذا وكذب هذا ولو بعد مدة، إذ الصدق مستلزم للبر والكذب مستلزم للفجور.

كما في الصحيحين عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إِلَى البر، وإن البر يهدي إِلَى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إِلَى الفجور، وإن الفجور يهدي إِلَى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) .

ولهذا قال تعالى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ * وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ [الشعراء:٢٢١-٢٢٦] .

<<  <   >  >>