للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد لاقى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بعض كفار قريش الويلات أمثال أبي جهل فقد كَانَ يتبع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يمر عَلَى العرب في الأسواق والمواسم يعرض عليهم دعوة ربه عَزَّ وَجَلَّ،

فيقول لهمأبو جهل: أيها الناس! إن هذا الغلام منا، ونحن أعلم بكذبه، إنما هو كذاب صابئ فلا تصدقوه، وهكذا يتبع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليكذبه في كل مكان، هذا أمام الناس، لكن أمام نفسه وأمام من يثق به فإنه كَانَ يقول: لما قيل له: لماذا لا تسلم؟

قَالَ: كنا وبني عبد مناف كفرسي رهان، لهم السقاية ولنا الرفادة، لهم كذا ولنا كذا، كلما عملوا عملاً عملنا مثله -منافسة بين بطنين من بطون قريش العظام- قَالَ: فلما نبغ هذا الرجل قالوا: منا نبي، فوالله لا نؤمن به أبداً!.

فإنهم لا يكذبونك

ولقد كَانَ كفار قريش ينهون النَّاس عن الاستماع للقرآن الكريم ويقولون: هذا أساطير الأولين، وإفك قديم من كلام الكهان، وإن هو إلا قول البشر، وإنْ هذا إلا سحر يؤثر ... إِلَى آخر ما يقولون، ومع ذلك كانوا يجتمعون في الليل يستمعون القرآن، ويتعجبون من هذا الكلام الذي ليس له مثيل لا في كلام الشعراء، ولا في سجع الكهان أبداً، ففي أنفسهم يعلمون أنه الحق.

لكن أمام النَّاس في المنتديات يقولون: هذا كذب! هذا باطل! نعوذ بالله: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ [الأنعام:٣٣] أي لا يعتقدون في قلوبهم أنك كاذب, ولا يقولون: إنه كاذب وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام:٣٣] فالظلم والإجحاف، والأنفة، والعناد والاستكبار في الأرض، ومكر السيء.

ومثل هذه الأمور هي التي حالت بينهم وبين الإيمان، مثل ما حالت بينفرعونوبين الإيمان، وأما اليهودفما أعجب ما فعلت في هذا الشأن! يتناجون بينهم أنه صادق وإذا ذهبوا إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذبوه.

حادثة زيد بن الصنعة مع النبي صلى الله عليه وسلم

<<  <   >  >>