ومن ذلك قصة اليهودي زيد بن سعنة - وكان من كبار أحبار اليهود- وذُكِرت في مجمع الزوائد، ورواها الطبراني وغيره وهي قصة حسنة السند، أنزيداً هذا قَالَ: لقد قرأت في التوراة وفي الأسفار من صفة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدة واحدة، إلا صفة واحدة ما اختبرتها.
وهكذا هي النفسية اليهودية يقولون: كيف نسلم لهذا الرجل من الأميين، ونحن ورثة العلم والكتاب؟ وأن يخرج نبي من الأميين من غير نسل إسرائيل من ذرية إسماعيل هذا شيء يستثقله اليهودجداً.
فقَالَ: إلا خصلة واحدة بقيت وأردت أن أختبرها وأن أبلوها، وهي: أنه يسبق حلمه جهله، ولا يقابل الجهل بالجهل، وإنما يقابل الجهل بالحلم، قال فذهبت يوماً إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو جالس مع أصحابه وهم حوله، وإذا برجل منهم يقول: يا رَسُول الله إني قد ذهبت إِلَى بني فلان، ووجدتهم في سنة وجدب وقحط وشدة، وإني قلت لهم: أسلموا يفتح الله لكم وتمطرون وترزقون وقد أسلموا، وإني أخشى يا رَسُول الله إن بقي بهم الجدب والقحط أن يرجعوا عن إسلامهم قَالَ: فماذا نصنع؟ ثُمَّ قَالَ: أرى أن نرسل لهم بطعام وغذاء.
هذا - كما هو واضح - من تأليف القلوب عَلَى الإيمان، فَقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(هل بقي من تمر بني فلان أو من حائط بني فلان شيئاً؟) قالوا: يا رَسُول الله ما بقي منه شيء. قال زيداً: فوجدتها فرصة، وجدت أن هذه هي بغيتي، قَالَ: قلت: يا مُحَمَّد أتعطيني كذا وكذا من حائط بني فلان يعني إذا أثمر، وأعطيك المؤونة؟ وهذا بيع السلم.