للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا قلنا: إن التأويل سائغ وجائز، فإن المُصْنِّف يقول: [فهل قتل عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلا بالتأويل الفاسد] ، وذلك لمَّا خرج عبد الله بن سبأ اليهودي ومن اتبعه، وعملوا في السراديب وفي الظلام عَلَى إذكاء نار الفتنة بين الْمُسْلِمِينَ، ولم يكونوا يقولون للناس: نَحْنُ نعادي الإسلام، ونكره الدين، ونريد أن نقتل الخلفاء! لا؛ بل ألبسوها بتأويل العدل، والمطالبة بالعدل، والمطالبة بسنة عُمَر؛ لأن عثمان -كما يزعمون- انحرف عن منهج عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فكانوا يقولون: نريد منهج عُمَر! نريد منهج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ونريد أن لا يتولى أقارب الخليفة الإمارة بل يتولى الْمُسْلِمُونَ الآخرون! إِلَى أخر ما تأولوا به حتى قتلوه رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ.

وكذلك في يوم الجمل ما خرجت الخوارج إلا بالتأويل، يقولون: إن الله عَزَّ وَجَلَّ يقول: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:٣٦] والضلال المبين هو الكفر، وعلى هذا فمن عصى الله بزناً أو خمرٍ أو سرقةٍ فإنه كافر، وتأولوا بقية الآيات والأحاديث مثل: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) وتركوا جميع الأحاديث الصحيحة الدالة عَلَى أن أصحاب الكبائر لا يخلدون في النار.

وكذلك الرافضة، أتوا إِلَى الآيات التي أنزلها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في المنافقين فجعلوها في أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثل الآيات التي نزلت في عبد الله بن أُبيَّ بن سلول ومن معه، فجعلوها في أبي بكر الصديق صاحب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغار ومن ماثله من الصحابة وهكذا.

<<  <   >  >>