للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم:٣٥-٣٦] هل المسلمون والمجرمون سواء في الحجب عن رؤية الله سبحانه وتعالى؟

وفي كلام الشافعي والإمام مالك: دليل وتصريح بأن المؤمنين يرون ربهم جل وعلا يوم القيامة، وهذا من الأدلة التي تبطل دعاوى المؤولين والمحرفين. ثم ذكر المصنف مناقشة المعتزلة وما استدل به المعتزلة والجهمية المنكرون لرؤية، وكما قلنا: لا بد لهم من تأويلات ولا بد لهم من شبهات.

فمن ذلك أنهم استدلوا بقوله سبحانه وتعالى: قَالَ لَنْ تَرَانِي وبقوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ [الأنعام: ١٠٣] وقد أطال المصنف -رحمه الله تعالى- هنا في إبطال استدلالهم بآية الأعراف وهي قوله تعالى: لَنْ تَرَانِي.

قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

[وأما استدلال المعتزلة بقوله تعالى: قَالَ لَنْ تَرَانِي [الأعراف:١٤٣] وبقوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصار [الأنعام:١٠٣] فالآيتان دليل عليهم:

أما الآية الأولى: فالاستدلال منها عَلَى ثبوت رؤيته من وجوه:

أحدها: أنه لا يظن بكليم الله ورسوله الكريم وأعلم النَّاس بربه في وقته أن يسأل ما لا يجوز عليه بل هو عندهم من أعظم المحال.

الثاني: أن الله لم ينكر عليه سؤاله، ولما سأل نوح عَلَيْهِ السَّلام ربه نجاة ابنه أنكر عليه سؤاله، وقَالَ: إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [هود:٤٦]

الثالث: أنه تَعَالَى قَالَ: لَنْ تَرَانِي ولم يقل: إني لا أُرى، أو لا تجوز رؤيتي أو لستُ بمرئي. والفرق بين الجوابين ظاهر، ألا ترى أن من كَانَ في كمه حجر فظنه رجل طعاماً، فَقَالَ أطعمنيه، فالجواب الصحيح: إنه لا يؤكل، أما إذا كَانَ طعاماً صح أن يقَالَ: إنك لن تأكله، وهذا يدل عَلَى أنه سبحانه مرئي، ولكن موسى عَلَيْهِ السَّلام لا تحتمل قواه رؤيته في هذه الدار، لضعف قوى البشر فيها عن رؤيته تعالى، يوضحه:

<<  <   >  >>