فهذا كلام أئمة التصوف ويدلنا عَلَى ذلك ما نقرأ في صفحة ٧٨ يقول في فقرة عنوانها:"الوصول إِلَى الله" أي: أن من حِكَم الإسراء والمعراج موضوع الوصول إِلَى الله، يقول: عبد الحليم محمود: "بعد وصول الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ربه تعالى، أصبح هدف السالكين إِلَى الله الوصول إِلَى جنابه، والوصول إِلَى الله يعني زوال القلق والاضطراب النفسي، وزوال همَّ الرزق والخوف من الموت، وزوال كل ما يصرف الإِنسَان عن الله تعالى، وزوال كل ما يشغل بؤرة تفكيره عنه، كما يعني من جانب آخر الرقي الروحي الدائم، والفيوضات الإلهية المستمرة، والمعرفة اللدنية المتتالية، والرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصل إِلَى هذا المنتهى وأمر أن يقول: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه:١١٤] وزيادة العلم في عرف أولياء الله إنما هو زيادة السعادة، من أجل ذلك قال أحد العارفين: نَحْنُ في سعادة لو عرفها الملوك لجالدونا عليها بسيوفهم".
فهذه جملة من الأخطاء المركبة التي ينبغي أن توضح، وأمثال هذه العبارات الأدبية المجملة الموهمة تدخل تحتها منافذ البدع المؤدية إليها، فأول شيء يفهم من قوله:"بعد وصول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ربه أصبح هدف السالكين إِلَى الله الوصول إِلَى جنابه" معنى ذلك: أن الصحابة -رضوان الله تَعَالَى عليهم- قبل حادثة الإسراء والمعراج كَانَ هدفهم أن يعبدوا الله من أجل أن يدخلوا الجنة ويفوزوا برضوان الله، فلما جاءت هذه الحادثة وبلَّغهم إياها -النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قالوا من الآن- يصبح هدفنا أننا نصل إِلَى جناب الله وهذا الكلام غير صحيح، لأن الصحابة -رضوان الله تَعَالَى عليهم- لم يكونوا يعتقدون ذلك.