للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والروايات الصحيحة الثابتة تدل عَلَى أن ذلك إنما يكون بعد أن يأتي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للحساب ولكن لا يفصل بينهم؛ بل كما قال الأنبياء: (إن ربنا غضب في هذا اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) ، هذا هو الذي يتفق مع الأحاديث الصحيحة، والاضطراب والشذوذ يعرف في قوله: (فإذا أفضى أهل الجنة إِلَى الجنة قالوا: من يشفع لنا إِلَى ربنا فندخل الجنة، وهذه شفاعة أخرى فيقولون: من أحق بذلك من أبيكم آدم عَلَيْهِ السَّلام إنه خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وكلمة قبلاً، فيأتون آدم: فيطلبون ذلك إليه وذكر نوحاً ثُمَّ إبراهيم ثُمَّ موسى ثُمَّ عيسى ثُمَّ محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .

وهذا اضطراب آخر، فالنَّاس بعد أن يطلبوا من آدم عَلَيْهِ السَّلام أن يشفع لهم الشَّفَاعَة العظمى فيعتذر، ثُمَّ يعتذر نوح، ثُمَّ يعتذر إبراهيم، ثُمَّ يعتذر موسى، ثُمَّ يعتذر عيسى عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، فلما يعتذروا كلهم يفض الموقف، ولم يبق إلا أن يدخل أهل الجنة الجنة، فكيف يأتون إِلَى آدم من جديد وقد اعتذر من الأصل؟

فالمقتضى -لو كَانَ بغير حديث- أنهم يأتون إِلَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا هو الواقع لأنا نجد بعد ذلك أن المُصْنِّف نفسه يذكر أن من الشفاعات شفاعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأهل الجنة أن يدخلوها، فذكر ذلك، والأدلة عليه، فهذا إذاً هو المختص به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الأليق: أن النَّاس بعد ذلك يأتون إِلَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <   >  >>