أما من اعتذر في الأول فكيف يرجعون فيأتونه مرة أخرى، ثُمَّ بعد ذلك يستمر الحديث وكأنه قطعة من الحديث الصحيح الثابت أولاً، فبهذا يتبين لنا أن المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وغفر لنا وله- قد أخطأ فيما أورده من تعليق عَلَى هذا الحديث، وليس وجهة نظره فيما يبدو لنا بمكان من الصواب والله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أعلم.
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ:
[النوع الثاني والثالث من الشَّفَاعَة: شفاعته صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم ليدخلوا الجنة، وفي أقوام آخرين قد أمر بهم إِلَى النَّار أن لا يدخلوها.
النوع الرابع: شفاعته صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رفع درجات من يدخل الجنة فيها فوق ما كَانَ يقتضيه ثواب أعمالهم، وقد وافقت المعتزلة عَلَى هذه الشَّفَاعَة خاصة، وخالفوا فيما عداها من المقامات، مع تواتر الأحاديث فيها.
النوع الخامس: الشَّفَاعَة في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب ويحسن أن يستشهد لهذا النوع بحديث عكاشة بن محصن حين دعا لهُ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعله من السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب، والحديث مخرج في الصحيحين.
النوع السادس: الشَّفَاعَة في تخفيف العذاب عمن يستحقه، كشفاعته في عمه أبي طالب أن يخفف عنه عذابه، ثُمَّ قالالقرطبي: في التذكرة بعد ذكره هذا النوع: فإن قيل: فقد قال تعالى: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:٤٨] قيل له: لا تنفعه في الخروج من النَّار كما تنفع عصاة الموحدين، الذين يخرجون منها ويدخلون الجنة.
النوع السابع: شفاعته أن يؤذن لجميع المؤمنين في دخول الجنة كما تقدم، وفي صحيح مسلم عنأنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(أنا أول شفيع في الجنة) .