والأخرى صفة من نسج الخيال، وشخصية أسطورية وهمية، لا وجود لها في القُرْآن ولا في السنة والواقع، إنما هي من أوهام وخرافات الذين اخترعوا هذه الأوصاف التي لا أصل لها من أهل الغلو كالصوفية ومن تبعهم.
أما الصفة الأولى: فهو كسائر البشر تصيبه العوارض مثلهم، بل قد يكون ما يصيبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من العوارض أشد، كما ثبت في الحديث الصحيح أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم) وهذا لفضله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولِرَفعِ درجتهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ربه، ونجد أنه يأكل ويشرب وينام ويتعَب ويفكر ويهتم ويغتم ويتخذ الأسباب مثل سائر البشر، رغم أن الله تَعَالَى خصه بهذه الميزة العظيمة وهي الرسالة وجعله سيد ولد آدم، وهذا كله نجده واضحاً جلياً.
فإذا انتقلنا إِلَى الصورة الأخرى التي تذكرها الصوفية وهي: أنه مخلوق من نور، موجود قبل المخلوقات، بيده مقاليد السماوات والأرض يعلم الغيب ... ، وأمور غريبة يذكرونها له التي لو تأملها الإِنسَان لعلم أنها لا توجد في دنيا البشر ولا عالمها أبداً وليس لها من كتاب الله ولا من سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصل يُرجع إليه، وإنما الحال أن قوماً أرادو هدم الإسلام، والطعن فيه عن طريق الغلو الذي اتخذوه كما فعل النَّصَارَى وكما فعل اليهود بأنبيائهم، وكما غلت الشيعة من هذه الأمة في الإمام عَلِيّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ حتى ادعوا أنه إله في حياته.
ومرت القرون وفُضح هَؤُلاءِ القوم وحوربوا وتميزوا عن سائر الأمة الإسلامية، حتى أصبحت الأمة منقسمة إِلَى سُني وشيعي، وأصبحت كلمة السنة، تعني: من ليس شيعياً فكأنهم اختصوا بمخالفة السنة مع أن المخالفين للسنة كثير، وظل الهدامون وأعداء الإسلام يريدون هدم عقيدة التوحيد والإيمان عندأهل السنة، فاخترعوا الأقطاب والنقباء والندباء وشيوخ التصوف.