للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّه مَا يشَاءُ) دليل على أن الشَّفَاعَةَ الشرعية في الدنيا من أسباب الخير والإعانة التي يعين العبد المسلم بها أخاه، فإذا شفع أجر على هذه الشَّفَاعَةِ، ويقضى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ما يشاء، فلا يخسر الشافع شيئاً؛ بل له أجر شفاعته وإن لم يتحقق كانت له شفاعته، كما قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا [النساء:٨٥] أي: وزر منها، هذا بالنسبة في الدنيا.

وفي الآخرة يقول: [وفي الصحيح أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لا أمْلِكُ لَكُم مِنَ اللهِ مِنْ شيء يا صفية عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ لا أَمْلِكُ لَكِ مِنْ اللهِ مِنْ شيء يا عباسُ عَمَّ رَسُولِ اللهِ لا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللهِ مِنْ شيء) ] .

فاللهُ سبحانه ليس بينه، وبين أحد من الخلق نسب، ولذا يقول تَعَالَى لإبراهيم عَلَيْهِ السَّلام لما أن أتم الكلمات: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً [البقرة:١٢٤] أكرمه الله ومَنَّ عليه فجعله إماماً للناس، فأراد إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام الخير لذريته فقَالَ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي [البقرة:١٢٤] أي تبقي الإمامة في ذريتي: قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة:١٢٤] فكرامة الله لا تنال المجرمين، وإن كانوا أبناء الأَنْبِيَاء والمرسلين، فلا بد من عمل صالح يعمله الإِنسَان حتى ينال هذا الرتبة.

<<  <   >  >>