للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا ما فعله النَّاس في الجاهلية الأولى وفي كل جاهلية في كل زمان ومكان، يؤمنون بأن الله له الخلق، ولكن يجعلون لغيره الأمر، فيشرعون ويسنون القوانين، ويحلون ما يشاءون، ويحرمون ما يشاءون، وهذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وهو حقيقة الطاغوت الذي أمر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أن يكفر به، ولا يكون الإِنسَان مؤمناً إلا إذا كفر بالطاغوت الذي يشرع من دون الله تعالى؛ لأن الخلق جميعاً مأمورون بأن يطيعوا أمر الله، كما هم مخلوقون بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا انفصال بينهما بأي حال من الأحوال.

الحكمة من قبول الله لشفاعة الشفعاء

يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: [فإذا كَانَ لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه لمن يشاء ولكن يكرم الشفيع بقبول شفاعته كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء) ] .

لما نفى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تلك الشَّفَاعَة الشركية بيَّن الشَّفَاعَة المثبتة التي تكون لعباده المؤمنين -كما سبق- وفي هذه الشَّفَاعَة حكم عظيمة، منها إكرام الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينما يشفع للخلق أجمعين في الموقف، وكذلك إذا شفَّع الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى الشهيد في أهل بيته فهو تكريم له، لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يريد أن يظهر فضل الشهيد فيشفعه، وكذلك شفاعة الابن الصالح في أبيه أو العكس ومنها حصول الخير للمشفوع الذي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فتفضل عليه بقبول الشَّفَاعَة فالأمر إذاً كله لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

<<  <   >  >>