للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذين خالفوا في المرتبة الرابعة من مراتب القدر هم القدرية ولهذا ذكر الإمام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عبارة عظيمة في حق القدر فقَالَ: "ناظروا القدرية بالعلم فإن أقروا به خصموا وإن أنكروه كَفَرُوا" وهذا يدل عَلَى دقة فهم السلف الصالح.

فنقول لهم: هل يَعلمُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن هذا الفعل سيقوم؟ فإذا قالوا: نعم، الله تَعَالَى يعلم ذلك. فنقول لهم: فما المانع أن يكون كتبه، فإن قالوا وكتبه، فنقول لهم: فما المانع أن يشاءه، فإن قالوا لا مانع أن يشاءه، لكن العبد هو الذي يفعل، فنقول لهم: أهو الذي خلقه؟ فإما أن تقولوا إن الله علمه وكتبه وشاءه والعبد خلقه وهذه لا يقرها عقل سليم، أو يقولوا: والله خلقه، فيستسلموا، ويلزموا الحجة، فإن لم يقروا فنتجادل معهم في العلم.

فإذا لم يقر القدري بأن الله يعلم كل شيء فقد كفر، لا لأنه أنكر أن العبد يخلق فعل نفسه، بل لأنه أنكر شيئاً واضحاً، يعلم العامي والجاهل من الْمُسْلِمِينَ أن من قاله يكفر.

مذهب أهل السنة في إثبات القدر

ومذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ أن الله تَعَالَى خالق كل شيء، ومنها أفعال العباد، وهذا يُجلي لنا حقيقة عظيمة يريدها المصنف، وهي حقيقة التوحيد، وأنه لا شأن لأحد ولا فضل إلا من بعد فضل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهو الذي خلقك أولاً، ثُمَّ أعطاك الهداية، ووفقك للعمل الصالح وللدعاء، وأثابك عليه، وهو الذي خلق هذا العمل فيك وأعطاك القدرة عليه، ثُمَّ هو بعد ذلك يمتنُّ عليك بالجنة جزاء لك عَلَى هذا العمل.

<<  <   >  >>