للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهل يصح بهذا ما يقوله علماء اليونان من أنه سبحانه: لا داخل العالم ولا خارجه؟! بحجة أنَّا لو قلنا: إنه فوق للزم أنه في جهة، وأخذ بهذا القول علماء الكلام ومنكرو العلو، فكانوا يعتقدون أن السماء هذه مشابهة للأرض؛ أو قريبة للأرض في حجمها، وأن النجوم والكواكب هي مثل القناديل المعلقة في هذا المسجد أو في أي مكان، هكذا كَانَ تصور الذين نفوا علو الله ونفوا صفات الله عَزَّ وَجَلَّ.

والآن أصبح العلم الحديث يعجز ويحار في فقه ذلك ولا يستطيع أن ينفي أي شيء؛ لأنه لم يفقه هذه الحياة الدنيا، ولا هذه السماء الدنيا، فأصبحوا لا يستطيعون أن يوجدوا لغة يفهمونها للأطوال والأبعاد الكونية، ولذلك تجدون الأبعاد الفلكية تختلف جداً عن الأبعاد المعروفة لنا في الأرض، نَحْنُ نقيس المسافات -مثلاً- بالميل وبالكيلو، لكن علماء الفلك يقيسون المسافات بالسنة الضوئية، فالقمر -مثلاً- يستغرق نوره حتى يصل إِلَى الأرض ثانية واحدة تقريباً، لأن القمر يبعد ثلاثمائة ألف كيلو متر، فالقمر في ثانية واحد يصل نوره إِلَى الأرض، لكن الشمس يصل نورها إِلَى الأرض بعد ثمان دقائق، لأنها تبعد "٩٣" مليون ميل من الأرض تقريباً، فإذا كَانَ نور الشمس يصل إلينا وهي عَلَى بعد "٩٣" مليون ميل من أميالنا المعروفة في الأرض في ثمان دقائق.

<<  <   >  >>