للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا قسناها بالسنة الضوئية فكم ستكون ملايين؟ لا نستطيع أن نُعبر عنها إلا عن طريق الأس أو القوة، يقول إنشتاين: إن حجم الكون تقريباً ١٠ أُس ٨٢، يعني: عشرة مضروبة في نفسها اثنين وثمانين مرة، وليس هناك اصطلاح رياضي نعبر عنه، وإنما بلغة الأرقام فقط نعبر عنها، عشرة مضروبة في نفسها اثنين وثمانين مرة من السنين الضوئية، ومع هذا فما يزال هذا الكون في تمدد واتساعٍ ولا يعنون بذلك -أي: أهل العلم الحديث- إلا ما كَانَ دون السماء الدنيا، أي: الفراغ بين هذه الأرض التي نعيش عليها وبين السماء الدنيا هو فقط الذي لا يتمدد، ولذلك أوجدوا وحدات جديدة للقياس.

أهل الكلام لم يعرفوا حقيقة هذا الكون

إن عقولنا تعجز عن تصور عظمة الكون، ومع ذلك تجد من يخوض في عظمة الله ويقول يلزم أن يكون في جهة وأن تخلو منه باقي الجهات، سُبْحانَ اللَّه العظيم! ما أجهل الإِنسَان! إذا أنت لم تعرف هذا المخلوق ولم تقدره، فكيف تتكلم في الخالق وتقول: يلزم ويلزم؟! وهذا الكلام لو قاله إنسان في حق المجموعة الشمسية، أو في غيرها لسخر منه الناس، فضلاً عن الكون، فضلاً عن خالق الأكوان جميعاً.

فعلى المخلوق أن يعرف قدره، ويعرف عجزه وضعفه.

هذه النجوم يقدر أعمارها كما يقال بملايين من السنين، ومع ذلك كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:٨٨] سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهذا النجم الذي يبقى ملايين ثُمَّ ينطفئ أو يتناثر في الفضاء، عبرة للإنسان المسكين لينظر كم سيعيش في هذه الدنيا؟ ستين سنة تقريباً، وستين سنة لا تساوي بالنسبة إِلَى هذه الأبعاد الكونية أي شيء حتى يُقال إن بعض النجوم كالشعرى مثلاً المذكور في قوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى [النجم:٤٩] يُقدر بُعده عنا بنسبة ستة ملايين سنة ضوئية، أي لو أن الشعرى انطفأت في هذه اللحظة فإننا نفقد نورها بعد ستة ملايين من السنين، لأن النور يستمر في المجيء ستة ملايين سنة ضوئية!

<<  <   >  >>