للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ نجد بعد هذا من يتكبر عَلَى الله تعالى، ويتطاول عَلَى أوامر الله وعلى نواهيه، ويتجرأ عَلَى حدوده، ويتكلم في ذات الله وفي صفاته، ينفي ما يريد ويثبت ما يريد، ومع الأسف فإن بعض العلماء كتب كتاباً اسمه هموم داعية يقول: ما دام أن الكون بهذه الأبعاد، والنَّاس اكتشفوا علو الفلك فلا داعي من أن نخوض ونتكلم في العلو ولا في الفوقية ولا في الاستواء! وينتقص مذهب السلف بناءً عَلَى أن الفلكيين توصلوا إِلَى آفاق جديدة في علم الفلك، فيا سُبْحانَ اللَّه! أليس ما وصلوا إليه هو دليل لمذهبالسلف أم أنه دليل عليه؟

ولا تقف ما ليس لك به علم

وترى من علماء الفلك وغيرهم من يقول: ثُمَّ ماذا وراء ذلك؟!

نقول لهم: نَحْنُ نعلم ما وراء ذلك، فإن كنتم لا تعلمون ما وراء ذلك فقفوا عند حدود ما تعلمون، ولا تتطاولوا عَلَى ما بعد ذلك، سواء في ذلك من غلط من فلاسفة اليونان ومن اتبعهم، أو من تكلم في هذا من فلاسفة العصر الحديث -الجغرافيين المتفلسفين- ومن يتبعهم في قولهم ممن خاض في هذه المسألة، كل أُولَئِكَ خالفوا قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ ِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الاسراء:٣٦] فأولئك قفوا ما ليس لهم به علم فوقعوا في الضلال ووقعوا في التخبط.

والمقصود أنه إذا أريد بالجهة أمر وجودي، أو جهة من الجهات الموجودة، ونحن لا نثبتها لك ولا يصح ذلك، فإن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أعظم من كل هذه الموجودات، ونحن لا نثبتها لك ولا يصح ذلك، وإن أُريدَ بالجهة أمر عدمي، وهو ما فوق العالم، فليس هناك إلا الله وحده، فإذا قيل: إنه في جهة بهذا الاعتبار فهو صحيح، ومعناه: أنه فوق العالم حيث انتهت المخلوقات فهو فوق الجميع عالٍ عليهم.

<<  <   >  >>