للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ المُصْنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

وقول الشيخ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: [لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات]

[هو حق باعتبار أنه لا يحيط به شيء من مخلوقاته، بل هو محيط بكل شيء وفوقه، وهذا المعنى هو الذي أراده الشيخ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لما يأتي في كلامه: أنه تَعَالَى محيط بكل شيء وفوقه، فإذا جمع بين كلاميه، وهو قوله: لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات وبين قوله: "محيط بكل شيء وفوقه" عُلم أن مراده أن الله تَعَالَى لا يحويه شيء، ولا يحيط به شيء، كما يكون لغيره من المخلوقات، وأنه تَعَالَى هو المحيط بكل شيء، العالي عَلَى كل شيء.

لكن بقي في كلامه شيئان: أحدهما: أن إطلاق مثل هذا اللفظ -مع ما فيه من الإجمال والاحتمال- كَانَ تركه أولى، وإلا تُسِلَطَ عليه، وألزم بالتناقض في إثبات الإحاطة والفوقية، ونفي جهة العلو، وإن أجيب عنه بما تقدم، من أنه إنما نفى أن يحويه شيء من مخلوقاته، فالاعتصام بالألفاظ الشرعية أولى.

الثاني: أن قوله: "كسائر المبتدعات" يفهم منه أنه ما من مبتدع إلا وهو محوي!! وفي هذا نظر، فإنه إن أراد أنه محوي بأمر وجودي، فممنوع، فإن العالم ليس في عالم آخر، وإلا لزم التسلسل، وإن أراد أمراً عدمياً، فليس كل مبتدع في العدم، بل منها ما هو داخل في غيره، كالسموات والأرض في الكرسي ونحو ذلك، ومنها ما هو منتهى المخلوقات، كالعرش، فسطح العالم ليس في غيره من المخلوقات قطعاً للتسلسل، كما تقدم، ويمكن أن يجاب عن هذا الإشكال: بأن "سائر" بمعنى: البقية، لا بمعنى: الجميع، هذا أصل معناها، ومنه: " السؤر " وهو ما يبقيه الشارب في الإناء، فيكون مراده غالب المخلوقات، لا جميعها، إذ " السائر " عَلَى الغالب أدل منه عَلَى الجميع، فيكون المعنى: أن الله تَعَالَى غير محوي -كما يكون أكثر المخلوقات محوياً، بل هو غير محوي بشيء- تَعَالَى الله عن ذلك.

<<  <   >  >>